المبدأ الثاني: تكون البيانات الانتخابية مفتوحةً عندما تكون تفصيليةً.
يجب أن تتاح البيانات الانتخابية بأعلى مستوىً من الدقة والتفصيل. جدير بالذكر أنّ البيانات التفصيلية، أو العالية الدقة، لا تكون قد خضعت للتجميع أو التعديل. وقد تمّ التعبير عن هذا المبدأ أيضاً بحيث أنه يشمل إتاحة البيانات على المستوى "الأولي" أو المستوى الذي تتم فيه عملية جمع البيانات. غنيّ عن القول إنّ تقديم البيانات بصورة تفصيلية أمر أساسي لتعزيز المساءلة وضمان الشفافية.
في ما يتعلق بالانتخابات، من الواضح أنّه لا بدّ من نشر البيانات المتعلقة بالموقع، والعنوان، ومعلومات الاتصال الخاصة بكلّ مكتب اقتراع في وقتٍ سابقٍ من اليوم الانتخابي، كون المواطنين بحاجةٍ لتلك المعلومات ليعرفوا المكان الذي من المفترض فيهم التصويت فيه. ما لا يخطر في البال سريعاً هو أنّ مستوى مكاتب الاقتراع هو المستوى الأكثر دقة بالنسبة إلى البيانات الخاصة بنتائج الانتخابات. وبما أنه يتم الإدلاء بالأصوات في مكاتب الاقراع (التي يشار إليها أحياناً بالدوائر الانتخابية الفرعية[1]، أو أقلام الاقتراع[2]) فهي بمثابة المستوى الأولي عند إصدار نتائج الانتخابات. في حال كانت مجموعات البيانات كنتائج الانتخابات مثلاً مجمّعةً أو معدّلة، لا يمكن اعتبارها مفتوحةً. في الواقع، يكون من السهل إلى حد بعيد إخفاء معظم حالات "التزوير" المرتكبة بالانتخابات إن لم تقدّم البيانات على المستوى الأولي أو الأدق.
في ما يتعلق بعملية تسجيل الناخبين، يكون الناخبون الأفراد عند المستوى الأكثر دقةً وتفصيلاً لتقديم البيانات. في وقتٍ يعتبر فيه الناخبون الوحدة الأساسية لعملية جمع البيانات المتعلقة بتسجيل الناخبين، إلا أنّ المستوى الذي يتم فيه نشر البيانات يختلف إلى حدّ بعيد بين دولةٍ وأخرى. تعلّق هيئات إدارة الانتخابات في بعض الدول نسخةً ورقيةً عن قائمة الناخبين خارج مكتب الاقتراع، وتتضمن هذه النسخة كافة التفاصيل المتعلّقة بالناخب (الاسم، الشهرة، العنوان، رقم الهوية الوطنية). في وقتٍ يعتبر فيه تعليق هذه القائمة بأسماء الناخبين في مكتب اقتراع معين أمراً دقيقاً، إلاّ أنّ مجموعة البيانات ليست كاملة في هذه الحال، بما أنها تشكل جزءاً من القائمة الكاملة للدولة ككلّ. في دولٍ أخرى، تتوافر القائمة الكاملة بالناخبين على الموقع الإلكتروني لهيئات إدارة الانتخابات بشكلٍ ملفات عدة. في هذه الحال، يكون من الممكن تحليل البيانات مثلاً بحيث يتم ذكر عدد ونسبة النساء الواردة أسماؤهنّ على القائمة أو ما إذا كانت المجموعات المهمّشة عبر التاريخ قد أخذت في الحسبان في عملية التسجيل. ويبقى أنّ من الدول من يفضّل المحافظة على خصوصية الناخبين، وعوضاً عن نشر قائمة بأسماء الناخبين، تسمح للناخبين بالبحث عن تفاصيلهم. في حال كان إطار العمل القانوني هو الذي يفرض قيوداً على دقة وتفصيلية البيانات الانتخابية، (مثلاً لدواعي الخصوصية)، لا بد من ذكر الأسباب الداعية إلى تقييد هذا المبدأ بشكلٍ واضح، كما يجب استخدام الوسيلة الأقلّ تقييداً لحماية المصلحة المستقاة من هذا المبدأ.
يلجأ نظام التحليلات الانتخابية إلى وسائل إحصائية مختلفة[3] من أجل تحليل وتحديد الأنماط المشكوك فيها في ما يتعلق بالبيانات التي تنشر على المستوى الأولي (مثلاً مكاتب الاقتراع). بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تكون الأماكن المستخدمة للاقتراع (مثلاً، المباني الإدارية، والمدارس، والأسواق) هي نفسها مواقع تسجيل الناخبين وتقديم الشكاوى. بالتالي، فإنّ الوصول إلى البيانات على المستوى الأكثر دقة غالباً ما يكون أساسياً بالنسبة إلى المواطنين وغيرهم من أصحاب المصلحة من أجل تقييم شفافية معظم أجزاء العملية الانتخابية.
الأسئلة التي تسهم في تحديد مستوى البيانات الأولي أو المستوى المصدر:
- أين تمّ جمع البيانات أولاً؟ فمن المحتمل أن يشير ذلك إلى المستوى الأولي.
- ما هو أدنى مستوى قد تختلف فيه نقطة البيانات الفردية من أي نقطة بياناتٍ أخرى؟
- هل هذه البيانات متعلقة بالتصويت؟ في هذه الحال، من المرجح أن يكون مكتب الاقتراع المستوى الأدنى.
- هل هذه البيانات متعلقة بمؤهلات الإدراج على ورقة الاقتراع أو التسجيل للتصويت؟ في هذه الحال، من الأرجح أن يكون "الأفراد" (الناخبون أو تواقيع الناخبين) المستوى الأدنى.
أقرّت حكومات مجموعة الثمانية بصراحة بأهمية هذا المبدأ عندما وقعت ميثاق البيانات المفتوحة لمجموعة الثمانية (والملحق التقني) في حزيران/يونيو من العام 2013. في ميثاق البيانات المفتوحة، تلتزم حكومات كل من كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، وروسيا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة بنشر البيانات المفتوحة ذات الجودة العالية وتؤكد أن البيانات تبقى في شكلها "الأصلي، غير المعدّل، وعلى أدق مستوى من التفصيل".
في بعض الدول الأفريقية، كما في ملاوي وزامبيا، المستوى الأدنى يسمّى بالدائرة الفرعية stream والمستوى الأعلى منه يسمّى بمكتب الاقتراع. عند استخدام مصطلح "مكتب الاقتراع" في هذا التقرير، نعني المستوى الأدنى التي يدلى فيه بالأصوات ويتمّ احتسابها. ↩︎
في دولٍ عديدة من أميركا اللاتينية، المستوى الأدنى يسمّى بقلم الاقتراع أو الطاولة mesa. يضمّ مركز الاقتراع (المبنى) طاولاتٍ عدة (في غرف عدة ضمن المبنى). ومن جديد، عند استخدام مصطلح "مكتب الاقتراع" نعني به المستوى الأدنى للنتائج ويستخدم على نحوٍ متبادل مع مفهوم الطاولة. ↩︎
على سبيل المثال، استخدمت اختبارات رقمية عدة وغيرها من وسائل الكشف الأخرى من أجل التشكيك في نتائج الانتخابات في أماكن مثل روسيا، وإيران، وأوكرانيا. ↩︎