دور مراقبة الانتخابات
على مدار العقود الثلاثة الماضية، نجحت حركة عالمية حول المراقبة المدنية الحيادية للانتخابات في حشد الجموع وحضّ ملايين المواطنين في جميع أنحاء العالم على المشاركة في المسار الديمقراطي القائم في بلدانهم، بصفتهم مراقبين للانتخابات. يلتقي المواطنون حول عدد من الأهداف عندما يتعاونون لمراقبة الانتخابات. تبعاً للظروف، قد يُستنفر المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات بهدف: إشراك المواطنين في العملية الانتخابية؛ ومنع أعمال التزوير؛ وكشف المشاكل والمخالفات؛ وتقييم جودة الانتخابات تقييماً دقيقاً؛ وتعزيز الثقة بالإجراءات والنتائج؛ ورفع توصيات بشأن تحسين الإجراءات تمهيداً للانتخابات المقبلة. أما على المدى البعيد، فتساعد المراقبة المدنية للانتخابات في ضمان نزاهة الانتخابات، وتعزّز قدرة المجتمع المدني على تشجيع مشاركة المواطنين، والانخراط في جهود المدافعة عن السياسات، وتفعيل مساءلة الحكومة ضمن إطار الدورة الانتخابية، وخارجه.
انضمّ أكثر من 200 منظمة مدنية ناشطة في مجال مراقبة الانتخابات في ما يزيد عن 80 بلداً إلى الشبكة العالمية لمراقبي الانتخابات المحليين (GNDEM) التي تأسّست في العام 2009. يجتمع أعضاء الشبكة حول إعلان المبادئ العالمية لمراقبة حيادية للانتخابات من قبل المنظمات المدنية الذي أطلِق في مقر الأمم المتحدة في العام 2012، وصادق عليه أكثر من 245 مجموعة مراقبة. يتناول هذا الإعلان المبادئ الأساسية، مستعرضاً حقوق ومسوؤليات المنظمات المدنية المحايدة المعنيّة بمراقبة الانتخابات.[1] تضمّ هذه الشبكة شبكات إقليمية لمراقبين مدنيين من القارات الخمس، إضافة إلى منظمات وائتلافات محلية. أما الشبكات العالمية والإقليمية فقد جاءت ثمرة علاقات توطّدت عبر الحدود على مدى أكثر من 25 عاماً بمساعدة المعهد وأطراف آخرين. وقد تقاطعت جهودها مع الجهود الأخرى المبذولة من أجل تعزيز المشاركة والمساءلة ومكافحة الفساد والحكومة المفتوحة، في خطوة من شأنها أن ترسّخ مبادئ البيانات المفتوحة، والممارسات المرتبطة بها.
المراقبون المدنيون هم الأكثر أهلاً لتقييم العملية الانتخابية من جوانب متعددة، إذا كانت البيانات ذات الصلة متاحة لهم فعلياً. عندما تتزوّد مجموعات المراقبة بالبيانات الانتخابية المفتوحة، تزيد قدرتها على تعزيز الثقة بمجرياتها، ومنع أعمال التزوير، وتقييم المسار الانتخابي بدقة، أو تحقيق أهداف أخرى. وعندما تطّلع على البيانات المتعلقة بمكاتب الاقتراع مثلاً، يستند بعضها إلى إحصاءات من أجل نشر المراقبين على عدد من المكاتب، وفق عيّنة عشوائية أو تمثيلية، ممّا يمكّنهم من إجراء تقييم دقيق لمجريات اليوم الانتخابي. تسهم تلك الجهود إلى حدّ كبير في تعزيز الثقة العامة في الانتخابات وتهدئة الأجواء المتوترة في مرحلة ما بعد الانتخابات. تعمد مجموعات أخرى، مطّلعة على قوائم الناخبين إلى تحليلها للتحقّق من صحتها، وإبراز السبل الآيلة إلى تحسين عملية تسجيل الناخبين، كما القوائم بحد ذاتها، تمهيداً للانتخابات القادمة و/أو اللاحقة. غالباً ما يوظّف المراقبون أيضاً المعلومات المتعلقة بالانتخابات في خدمة تثقيف الناخبين حول آليات تسجيل أسمائهم في قوائم الناخبين، والإدلاء بأصواتهم في اليوم الانتخابي، واختيار مرشّحيهم بين المتنافسين بكل وعي.
من جهة أخرى، تسعى المراقبة الدولية للانتخابات إلى تقييم مدى التزام الانتخابات بالمعايير الدولية، ورفع توصيات محددة لتحسين مجرياتها، وإظهار دعم المجتمع الدولي لانتخابات ديمقراطية نزيهة. تعزّز أيضاً الثقة العامة بالانتخابات حيثما يستحق الأمر. تندرج القواعد القانونية والأخلاقية، فضلاً عن الأساليب الأساسية للمراقبة الدولية، في إعلان مبادئ المراقبة الدولية للانتخابات، الذي جاء ثمرة جهود عدة منظمات أطلقتها شعبة المساعدة الانتخابية في الأمم المتحدة والمعهد الديمقراطي الوطني ومركز كارتر. وقد حظي هذا الإعلان، الذي تمّ إطلاقه في مقر الأمم المتحدة في العام 2005، بمصادقة رسمية من أكثر من 45 منظمة دولية رائدة في مجال مراقبة الانتخابات، وبتقدير الجمعية العمومية، اعترافاً منها بمساهمته في توحيد ممارسات المراقبة الدولية.
يؤدّي المراقبون الدوليون دوراً هاماً في إطار ترسيخ المبادئ والممارسات المتعلقة بالبيانات المفتوحة، باعتبارها وسيلة فعّالة لتعزيز الثقة العامة بالانتخابات الديمقراطية النزيهة. وبقدر ما تسمح لهم الظروف في بلدان معيّنة، يعلّق هؤلاء المراقبون على مستوى شفافية الممارسات الانتخابية مستفيدين من إمكانية الوصول إلى البيانات والتحاليل الانتخابية أو البيانات الانتخابية المفتوحة التي يستمدّونها من مصادر متنوعة موثوقة.
يوفّر المعهد الديمقراطي الوطني عدداً كبيراً من الأدلة والمنشورات التي تتناول آليات وجوانب مختلفة من المراقبة المدنية للانتخابات. يمكن الاطّلاع عليها عبر الرابط: https://www.ndi.org/elections. ↩︎