آليات عمل هيئة إدارة الانتخابات
ما هي آليات عمل هيئة إدارة الانتخابات؟
من الضروري أن تتميّز عمليات صنع القرار لدى هيئة إدارة الانتخابات بالشفافية لتكريس مصداقية الانتخابات وإرساء ثقة العامة في الانتخابات. فينبغي تحديد سلطات هيئة إدارة الانتخابات ودورها، بغضّ النظر عن نطاقها، بشكل دقيق ضمن قانون للانتخابات. كما يجب الالتزام بشروط إعلام العامة بمواعيد انعقاد اجتماعات هيئة إدارة الانتخابات، ومكانها، وجدول أعمالها، فضلاً عن بنود تُلزم مراقبة هذه الاجتماعات ونشر محاضرها. فضلاً عن ذلك، يجوز أن تتمتّع هيئة الانتخابات بسلطة تفسير قانون الانتخابات وإقرار الأنظمة الانتخابية، أو حتى صياغة قوانين وطرحها على الهيئة التشريعية. ويجب أن تتّخذ هيئة إدارة الانتخابات قرارات بشأن تسجيل المرشّحين، واعتماد مجموعات المراقبة، وحشد المسؤولين وتدريبهم، ومعالجة المخاوف الأمنية، والقيام بأيّ تحضيرات لازمة لكلّ دورة انتخابية.
تتّخذ هيئات إدارة الانتخابات قرارات على مستوى السياسات، بما في ذلك القرارات المتعلقة بشراء المعدّات والتكنولوجيات المعتمدة في الانتخابات. في هذا الإطار، يجدر بالهيئات أن تصدر إعلاناتٍ واسعة النطاق تدعو بموجبها إلى إجراء مناقصات على المشتريات الكبيرة المتعلقة بالانتخابات، كما ينبغي أن تفعل ذلك بواسطة إشعار عام يَصدر قبل وقت طويل لمنح الباعة فرصاً عادلة بإجراء مناقصات تنافسية، وكي يكون الناس على علم بالمشتريات. في بعض الدول، تقوم لجنة مستقلة ومحايدة من الخبراء بمراقبة المشتريات، فتدقّق في بعض الحالات في فعالية التكنولوجيات الانتخابية. قبل انتقال الفيليبين نحو الفرز الإلكتروني لانتخابات 2010، كانت الهيئة التشريعية قد أنشأت لجنة خاصة بالمجلس الاستشاري حول الانتخابات، الذي ضمّ أعضاء من الحكومة، والمجال الأكاديمي، وخبراء في تكنولوجيا المعلومات وناشطين في المجتمع المدني. فدأب المجلس على رفع التوصيات اللازمة والإشراف على هيئة إدارة الانتخابات الفيليبينية خلال كافة مراحل الانتقال نحو الوسائل التكنولوجية الجديدة، بما في ذلك المراقبة والمشاركة كأعضاء غير مصوّتين في عملية اختيار الباعة والقيام بالمشتريات اللازمة.
إنّ تأمين التمويل اللازم وطريقة إنفاقه عنصرٌ أساسيّ يحدّد قدرة هيئة إدارة الانتخابات على الالتزام بمسؤولياتها. غالباً ما تشكّل ميزانية الانتخابات جزءاً من موازنة وطنية سنوية ثابتة، مع الإشارة إلى أنّ أنواعاً مختلفة من هيئات إدارة الانتخابات قد تتلقى تمويلها عبر وسائل وطرق متنوّعة من الموازنة. فيشكّل التمويل بالنسبة لبعض هيئات إدارة الانتخابات، كما هي الحال في غانا وكوسوفو، بنداً مستقلاً من الموازنة الوطنية، يُمنح مباشرة إلى الهيئة عن طريق الخزينة. أما في حالات أخرى، فتحصل الهيئات على ميزانيتها عن طريق وزارة حكومية. وتعتبر الشفافية عند إعداد ميزانية الانتخابات وإجراء النفقات عنصراً أساسياً لضمان المراقبة التشريعية والمساءلة العامة.
ما أهمية آليات عمل تلك الهيئة؟
يجب أن توضع المعلومات المتعلقة بآلية عمل هيئات إدارة الانتخابات بمتناول العامة كي يفهم المواطنون طريقة اتّخاذ القرارات بشأن مختلف عناصر الانتخابات، وطريقة تطبيق تلك القرارات أيضاً. فمن شأن هذه المعلومات أن تمكّن المواطنين من المشاركة في أيّ فرصة للمساهمة في عملية صنع القرار أو إعطاء الملاحظات بشأنها. كما إنّ الاطلاع على محاضر الاجتماعات يساعد المواطنين في فهم كيفية التوصّل إلى مختلف القرارات، ويعزّز ثقتهم في حيادية هيئة إدارة الانتخابات. فضلاً عن ذلك، يمكن أن تتمعّن المنظّمات في المعلومات المتعلقة بنشاطات هيئات إدارة الانتخابات، لمراجعة عمليات صنع القرار وأي تحليل متوافر "للدروس المستخلصة" من الانتخابات الماضية، بينما تعدّ توصياتها الخاصة بالإصلاحات. ويجوز لمنظّمات المجتمع المدني أيضاً أن تقيّم ميزانية إدارة الانتخابات وتدافع عن ضرورة تأمين أموال إضافية إذا دعت الحاجة. وتعتبر المعلومات المتعلقة بالمنظّمات التي اعتمدتها هيئة إدارة الانتخابات أو لم تعتمدها لمراقبة الانتخابات- سواء الدولية منها أم المجموعات المحلية ووسائل الإعلام- ضرورية لفهم كيفية مزاولة هيئة إدارة الانتخابات لواجباتها.
يجب أن تكون قرارات المشتريات مستندة إلى الشفافية والتنافسية ومعايير موضوعية. على سبيل المثال، دعت هيئة إدارة الانتخابات في الفيليبين إلى إجراء مناقصات على المشتريات عبر موقعها الإلكتروني. كما كانت تصدر نشرات وقرارات دورية عبر لجنتها الخاصة بالمناقصات والمكافآت، وضّحت ما يلي: المورّدين الذين اعتبروا مؤهلين للمشاركة في مناقصة المشروع، ومبلغ المناقصة، وحالها، بما في ذلك إشعارات منح المكافآت. من شأن ذلك أن يساعد في الوقاية من الفساد ويعزّز ثقة العامة في نزاهة عملية المشتريات والمواد الانتخابية الحساسة، مثل بطاقات الاقتراع وتقنيات التصويت الإلكتروني. أما عمليات المشتريات التي يطغى عليها الفساد، أو التي تعتبر فاسدة، فيمكن أن تزعزع ثقة العامة في هيئات إدارة الانتخابات، ونزاهة النتائج.
في ما خلا المشتريات المحدّدة، تعتبر المعلومات المتعلقة بميزانية هيئة إدارة الانتخابات، وكيفية إنفاقها للأموال المتوفّرة، ضرورية جداً للقيام بالمساءلة خلال العملية الانتخابية. فالمعلومات المتعلقة بالميزانية المتوقّعة والبيانات عن كيفية إنفاق الأموال فعلياً مفيدة جداً عند تقييم كفاءة هيئة إدارة الانتخابات. في هذا الإطار، يمكن للمجتمع المدني والجهات الأخرى أن تقارن الأرقام على ضوء المعايير العالمية، أو أن تعتمد طرقاً تحليلية أخرى. وتعتبر المعلومات على مستوى الصفقات الفردية- التي تشمل المبلغ، والمستفيد من الأموال، والهيئة المخوّلة- واردةً ضمن المستويات الأكثر تفصيليةً في الميزانيات والنفقات. أما على مستوى أعمّ، فيمكن الاستفادة من المعلومات الواردة في بنودٍ أخرى بشأن الرواتب والمعدّات والمواد والأمور الأخرى، مع الإشارة إلى أنّ هذه لا تعتبر البنود الأهمّ في الميزانية. ويمكن أن تعتمد بعض الدول أرقاماً إجمالية فقط. فقد نشر المعهد الانتخابي الفدرالي في المكسيك الذي يعرف اليوم باسم المعهد الانتخابي الوطني ميزانية العام 2014 على أساس شهري. وكانت الميزانيات قد تضمّنت المبالغ المخصّصة للموظّفين والبرامج، فضلاً عن بنودٍ مفصّلة ضمن كلّ فئة. كما دأب المعهد أيضاً على نشر بياناته المالية شهرياً طيلة العام 2014.
مثال عن البيانات المتعلقة بآليات عمل هيئات إدارة الانتخابات
تتضمّن البيانات المتعلقة بعمليات هيئات إدارة الانتخابات القرارات والمحاضر الخاصة بالاجتماعات الرسمية لهذه الهيئات. ومن الضروري أيضاً فهم من صوّت على تلك القرارات وكيف صوّت. في هذا السياق، من الأمثلة على الممارسات الإيجابية المتعلقة باجتماعات هيئة إدارة الانتخابات، تنشر هيئة الانتخابات المركزية في مولدوفا جميع محاضر الاجتماعات سنوياً، وتكون اجتماعاتها مفتوحة لجميع الأحزاب وأصحاب المصلحة والإعلام والعامة. كما يمكن للمواطنين أن يدلوا بآرائهم خلال الاجتماعات. فضلاً عن ذلك، يزور أعضاء هيئة الانتخابات المركزية في مولدوفا المدارس والجامعات والنقابات والمنتديات بشكل منتظم، لشرح تفاصيل العملية الاقتراعية لجماهير مختلفة. أما هيئة إدارة الانتخابات في ألبانيا، فتوفّر بثاً مباشراً لاجتماعاتها كما تنشر جميع قراراتها الرسمية على موقعها الإلكتروني. من جهتها، تنشر الهيئة المركزية للانتخابات في أوكرانيا لائحةً بجميع القرارات الرسمية على موقعها الإلكتروني، فضلاً عن روابط إلكترونية بالوثائق التي تتضمّن النصّ الكامل لكلّ قرار.
تتضمّن البيانات المتعلقة بعملية تأمين المشتريات وصفاً لإجراءات صنع القرار، ومهلة زمنية لتقديم المناقصات ورفع الشكاوى. ومن البيانات المفيدة أيضاً وثائق المناقصات المتعلقة بشراء المواد الانتخابية، فضلاً عن أسماء كافة الباعة الذي يشاركون في المناقصات، والمبالغ، واسم الشركة التي نالت العقد، وقيمة العقد نفسه. ومن البيانات الضرورية أيضاً: عدد الدعاوى الإدارية والمدنية المتعلقة بباعة ومتعاقدين آخرين، وأسماء الأطراف المشاركين في الدعوى، وطبيعة الادعاء، والنتيجة، بما في ذلك العقوبات المترتّبة عنها.
تتضمّن البيانات المتعلقة بالميزانية مجموعةً متنوّعةً من المعلومات. فيجب تصنيف النفقات ضمن فئات محدّدة، مثل الرواتب والتكاليف المتعلقة بشراء المعدّات والموادّ (الحبر، أوراق الاقتراع، إلخ.). وإلى جانب تحديد المبالغ المخصّصة لبعض البنود بالدولار، تعتبر أنواع أخرى من المعلومات مهمّة أيضاً. في هذا الإطار، تقدّم مبادرة "أوبن سبندينغ" التي أطلقتها مؤسسة المعرفة المفتوحة توجيهات بشأن شروط نشر بيانات النفقات المتعلقة بالصفقات، وهي تشمل معلومات عن كلّ صفقة فردية، ومعلومات عن "المورّد" لتحديد الجهة المستلمة للأموال في كلّ صفقة، وبيانات عن "الهيئات" أي الدوائر أو الوكالات الحكومية المشاركة في الصفقة.
فضلاً عن ذلك، يجب نشر أسماء جميع منظّمات مراقبة الانتخابات (المحلية منها والدولية) التي طلبت نيل أوراق الاعتماد، سواءٌ جوبهت بالرفض أو القبول، بالإضافة إلى العدد الإجمالي للمراقبين المعتمدين في كلّ مجموعة. كما يمكن نشر تقارير مراقبة الانتخابات الصادرة عن مجموعات المراقبة المعتمدة عبر الموقع الإلكتروني لهيئة إدارة الانتخابات، كما جرى في كوستا ريكا وتونس. فمن شأن هذه المعلومات أن تبيّن إن كان اعتماد المجموعة المعنيّة قد تمّ وفقاً للقوانين ومبادئ العدالة.
من المعلومات الأخرى المتعلقة بعمليات هيئة إدارة الانتخابات "الدروس المستخلصة" بعد أيّ انتخابات أو الوثائق "الصادرة في مرحلة لاحقة" لتقييم أدائها الخاص. فيشترط القانون على الهيئة المستقلة للانتخابات في جنوب أفريقيا أن تنشر تقريراً رسمياً يغطي كامل عملية الانتخابات بدءاً من مرحلة ترسيم حدود الدوائر الانتخابية، وإعداد قوائم الناخبين، وصولاً إلى يوم الانتخابات والنتائج. على سبيل المثال، يورد التقرير المتعلق بانتخابات العام 2009 الوطنية والمحلية تبريراً ووصفاً لزيادة عدد الدوائر الانتخابية. وكان المعنيّون قد ضاعفوا عدد مكاتب الاقتراع لتعزيز وصول الناخبين إليها، مع التخفيف من معدّل فترة الانتظار. في المملكة المتّحدة، تعتبر هيئة إدارة الانتخابات ملزمة قانوناً بإصدار تقرير بعد كلّ انتخابات، يسلّط الضوء على المشاكل وحالات الإخلال بالوظيفة كما يفرد مجالاً للتوصيات من أجل إجراء التحسينات المطلوبة. بعد الانتخابات العامة في العام 2010، أصدرت الهيئة تقريراً خاصاً عن المشاكل التي صادفتها خلال انتخابات ذلك العام، إلى جانب بيانات توضّح عدد الأشخاص الذين صادفوا مشاكل، مع تحديد ما كان نوعها، وأين حدثت.